الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات أمل.. أم فلسطينية تكتب "سأحفر الجبال لتوفير الحليب.. طفلي يحتاج إليه"

نشر في  17 فيفري 2024  (22:08)

بالنسبة لمعظم الأهل الذين لديهم أطفال رضّع، فإن اختيار طريقة إطعامهم مقلقة بعض الشيء، أما بالنسبة لذوي 22 ألف طفل وُلدوا خلال حرب غزة، فالاختيار لم يعد متاحاً، إذ يواجه كثيرون معركة يومية لإبقاء أطفالهم على قيد الحياة.

من بين هؤلاء الأهالي، أمل، التي لم يتبق لديها سوى ما يكفي ليومين من حليب الأطفال عندما قررت القيام برحلة خطيرة في منتصف شهر جانفي الماضي؛ إذ لم يستطع طفلها محمد، البالغ من العمر ثلاثة أشهر فقط، أن يحصل على الحليب.

وكتبت أمل في رسالة نصية "سأحفر الجبال لتوفير الحليب.. طفلي يحتاج إليه".

كانت أمل تعيش في خيمة وسط الأحراش خارج خان يونس، ثم قررت البحث عن حليب لطفلها في الجنوب في مدينة رفح، التي عادة ما يستغرق الوصول إليها 20 دقيقة فقط بالسيارة، لكن في الوقت الحالي، القوات الإسرائيلية تملأ الطرقات.

"أنا في طريقي إلى رفح الآن ... سأحاول العثور على بعض الحليب، إن شاء الله سأحصل على البعض منه اليوم"، قالت لي في تسجيل صوتي، يظُهر قلقها، لكنها مصممة على مواصلة البحث.

 كان الأمر خطيراً، لكن لم يعد لديها أي خيار آخر، تركت طفلها محمد وشقيقه الأكبر نوح خلفها مع عائلتها، وبعد بضع ساعات سُمع صوت آخر.

"تعرضت سيارتنا لهجوم من الدبابات الإسرائيلية في طريقنا إلى رفح، وأنا الآن عالقة في رفح"، تقول أمل خائفة، وتضيف: "لا أعرف إذا ما كنت سأرى أطفالي مرة أخرى".

ولاحقاً، شرح صديق ما حدث في السيارة قائلاً: صادفنا ثلاث دبابات أطلقت إحداها النار بالقرب من السيارة، تراجع السائق بالسيارة وفر هارباً في حالة من الذعر.

بقيت أمل لساعات منقطعة عن شبكة الإنترنت، وفي وقت متأخر من تلك الليلة وصلت رسالة، "لقد عدت إلى خان يونس لكن بدون حليب أطفال".

في صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت أمل تحتضن ابنها نوح البالغ من العمر 18 شهراً في الفراش عندما أيقظتهما أصوات التفجيرات التي هزت جدران منزلهم.

"حملتُ نوح وركضتُ من غرفة إلى أخرى، لم أكن أعرف إلى أين أذهب لأن التفجيرات كانت تحيط بنا من كل مكان"، تقول أمل.

وشنت حماس هجوماً على إسرائيل وأطلقت آلاف الصواريخ عبر الحدود، بينما ردت المقاتلات الإسرائيلية على القطاع بهجمات انتقامية، لكن في خان يونس جنوبي غزة، لم يكن لدى أمل أي فكرة عما يجري.

كانت أمل في ذلك الحين قلقة ومذعورة، وكانت لا تزال في حملها بابنها محمد، في الشهر الثامن، وبدأت تنزف بغزارة.

كان عليها أن تذهب إلى المستشفى على الفور لكنها كانت بمفردها لأن زوجها يعمل في الضفة الغربية.

قالت أمل: "انتظرت سيارة التاكسي لمدة ثلاث ساعات على الأقل، وكانت الشوارع مليئة بالناس، كانوا جميعاً خائفين، ولم يعرفوا ماذا يفعلون أو إلى أين يذهبون، كنا نسمع القصف في كل مكان"، تضيف أمل.

عندما وصلت أمل إلى المستشفى، تم تحويلها لإجراء عملية ولادة قيصرية على الفور، وُلد محمد في الساعة 11 صباحا في عالم تغير إلى الأبد.

ذهبت أمل إلى منزل والديها للتعافي، وفي الطريق، اشترت حفاضات وحليب للأطفال، بالإضافة إلى دواء لنوح المصاب بالصرع. وتضيف أمل: "اعتقدتُ أن الحرب لن تستمر أكثر من شهر واحد".

أرضعت أمل ابنها محمد رضاعة طبيعية لمدة شهر، لكنها وجدت أنها لا تنتج ما يكفي من الحليب.

وتضيف أمل: "كنت خائفة ومتوترة طوال الوقت، لم أكن أنتبه لضرورة تناول الطعام الجيد، لذلك لم يكن لدي حليب له... لكنني حاولت".

كما هو الحال في المملكة المتحدة، نحو نصف النساء فقط في غزة يرضعن طبيعياً لأكثر من ستة أسابيع، وفي العديد من حالات الطوارئ التي تستجيب لها الأمم المتحدة، يكون معدل الرضاعة الطبيعية أعلى بكثير.

وقالت كبيرة مستشاري اليونيسف بشأن تغذية الأطفال في حالات الطوارئ، أنو ناياران: " منذ أن بدأت الحرب، علمنا أن الرضاعة ستشكل تحدياً للأمهات".

وأضافت: " في وسط الصراعات، إذا لم تبدأ الأم بإرضاع الطفل فوراً بشكل طبيعي، فإنها لن تتمكن من فعل ذلك لاحقاً، ويُصبح الاعتماد الكلي على حليب الأطفال الاصطناعي".

.بي بي سي